
المشاركة الأصلية بواسطة
أبو علاء
عندما حصلت على أوّل تسجيل منسوب إلى منيره عبده (يا رسول الله إنّك في الورى ذخري، ويبدو لي أنّ من رفعه آنذاك هو أبو الفداء نقلا عن هيئة الإذاعة البريطانيّة)، ولم أكن قد سمعتها أو سمعت عنها، احترت في أمره وفي أمري، فقد أحسست أنّ هناك خللا في الصوت وبالتالي في سرعة التسجيل وطفقت أجرّب التبطئة تارة والتسريع طورا ولم أرتح إلى نتيجة أيّ من تجاربي حتّى بلغت حدّ اليأس فانصرفت عنه ؛ ومرّ زمن غير قصير ثمّ وقع بين يديّ تسجيل قصيدة رسول الله فضلك ليس يحصى، ولئن بدا لي هذا الأخير أقلّ إثارة للبلبلة فإنّي لم أجرؤ على الرجوع إلى التسجيل الأوّل لمحاولة ضبط سرعته قياسا على التسجيل الجديد ؛ وها رياض يطلّ علينا بهذا التسجيل الجديد فيعيدني إلى حيرتي الأولى، وقد قرأت تعليق عمرو فقلت أجرّب وصفته، لكنّي لم أطمئنّ للنتيجة حتّى بالاقتصار على خفض سرعته درجة واحدة (فما بالك بدرجة ونصف درجة) لأنّ أصوات البطانة غدت أغلظ ممّا يعقل في تقديري فعدت واكتفيت بخفضها نصف درجة، ومع ذلك لا يسعني القول إنّ السرعة الناتجة هي المثلى ؛ احتمال أن تكون التسجيلات الثلاثة بنفس الصوت غير مستبعد عندي باعتبار اشتراكها في ملامح "طيف" الصوت (بالمعنى الفيزيائيّ للكلمة)، صوت يجمع بين قرار غليظ أقرب إلى ما هو معتاد من أصوات الرجال وجواب مرتفع ودقيق يضاهي أصوات النساء ذوات الجواب العالي، أمّا "خامة" الصوت أو "قماشته" فلا تبدو لي من الرهافة واللين اللذين يتوقّعان من صوت أنثويّ بل إنّي لا أجد فيه من المرونة والطلاوة ما أجده في الأصوات الرجاليّة الجيّدة، أو لأقل هذا ما استقرّ في ذهني بعد الاستماع إلى التسجيلين الأوّلين بخلاف تسجيل مولاي كتبت رحمة الناس هذا، ففيه من ملامح الكفاءة والقدرة على الإطراب ما لم أجده في سابقيه ؛ أمّا أن تكون المنشدة هنا سكينه حسن، فهذه فرضيّة غير واردة عندي.