ألف شكر لك يا زرياب على هذه الوثائق القيّمة كما اعتدنا منك دائما، ولكم تمنّيت الحصول على كتاب الخلعي نيل الأماني، وهو الوحيد الذي تصفّحت جانبا منه الآن فوجدته غنيّا بالمفاجآت، وقد لفت نظري منها بوجه خاصّ ما جاء ضمن قسم وصلات الموشّحات حيث وجدته يجمع ضمن الوصلة الواحدة بين موشّحات من مقامات متجاورة مثل الحجاز والحجاز كار أو العجم والشوق أفزا والزنجران، وأغلب ظنّي أنّه لم يزد على تسجيل ما كان شائعا لدى المطربين والموسيقيّين، وهو مسلك نجد له صدى في القطع المؤلّفة للوصلات الكلاسيكيّة المتأخّرة التي سجّلها كلّ من صالح عبد الحي وماري جبران ؛ كما تصفّحت الأدوار المنسوبة إلى عبده الحامولي في الكتاب ووجدت بينها أكثر من عنوان غير متوقّع مثل دور في زمان الوصل الذي شاع عنه أنّه من أدوار المسلوب ودور سباني سهام العين المنسوب عادة إلى محمّد عثمان، وما هذان إلاّ مثالان بارزان بين أمثلة عديدة أخرى، ولم أنظر بعد في بقيّة الكتاب، وبما أنّ تاريخ الكتاب يعود إلى سنة 1899 فإنّي أرى من الصعب أن يكون الخلعي مخطئا في نسبة تلك الأدوار إلى ملحّنين غير الذين عرفناهم ؛ وأخيرا لفت انتباهي أنّه خصّص فصلا لأدوار إبراهيم القبّاني لوم يخصّص مثله لداود حسني، ومعنى ذلك عندي أنّ القبّاني سبق حسني على الأقلّ في الشهرة أم ترى هذا الاختيار صادر عن موقف متحيّز من جانب الخلعي ربّما بسبب انتماء داود حسني إلى الطائفة اليهوديّة ؟...
المهمّ أنّك وضعت بين أيدينا كنزا ثمينا بل كنوزا أرجو أن تجد حظّها من الاهتمام عند أهل الذكر.